أخبار العالمتوبكُتّاب وآراء

الإعلامية الجزائرية د.كريمة الشامي الجزائري تكتب لـ «30 يوم»: الاقتصاد العالمي بين الارتباك والبحث عن توازن … وأين تقف الجالية العربية في أمريكا؟

يشهد العالم اليوم واحدة من أكثر مراحله الاقتصادية تعقيدًا منذ عقود. فبعد جائحة قلبت سلاسل التوريد رأسًا على عقب، وحروب أعادت الجغرافيا السياسية إلى واجهة القرار الاقتصادي، أصبح من الواضح أن النظام الاقتصادي العالمي يمر بمرحلة انتقالية غير مستقرة، تتداخل فيها العوامل المالية مع السياسية والاجتماعية بشكل غير مسبوق.

الولايات المتحدة: اقتصاد قوي… ولكن بثمن مرتفع

رغم أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يُعد الأقوى عالميًا من حيث الناتج المحلي، إلا أن الواقع المعيشي للمواطن والمقيم يروي قصة أخرى.

التضخم، وإن تراجع نسبيًا مقارنة بذروته، لا يزال يضغط على الطبقة المتوسطة، وأسعار السكن والتأمين الصحي والتعليم أصبحت عبئًا حقيقيًا حتى على أصحاب الدخل الجيد.

رفع أسعار الفائدة، الذي كان أداة ضرورية لكبح التضخم، أدى في المقابل إلى إبطاء الاستثمارات وزيادة كلفة القروض، ما جعل حلم التملك أو التوسع التجاري أكثر تعقيدًا.

العالم: تعددية أقطاب… واقتصاد هش

عالميًا، لم يعد الاقتصاد يُدار من مركز واحد. صعود قوى اقتصادية جديدة، وتراجع الثقة بالأنظمة المالية التقليدية، وانتشار الحروب التجارية، كلها عوامل زادت من حالة عدم اليقين.

الدول النامية تعاني من ديون متراكمة، والدول المتقدمة تواجه شيخوخة سكانية وتراجعًا في الإنتاجية. أما الطبقة الوسطى، فهي الخاسر الأكبر في هذا المشهد المتقلّب.

الجالية العربية في أمريكا: بين الطموح والضغط

تُعد الجالية العربية في الولايات المتحدة من أكثر الجاليات عملًا واجتهادًا، وغالبًا ما تعتمد على نفسها دون انتظار دعم مؤسساتي. إلا أن التغيرات الاقتصادية الأخيرة ألقت بثقلها الواضح على هذه الجالية.

كثير من العرب العاملين في التجارة الصغيرة، العقار، النقل، أو الخدمات الصحية، يواجهون اليوم ارتفاع الضرائب، وتكاليف التشغيل، والإيجارات، إلى جانب غياب مظلة حماية اجتماعية حقيقية، خاصة لمن لا يزالون في مرحلة بناء الاستقرار.

إضافة إلى ذلك، فإن المهاجر العربي غالبًا ما يتحمل أعباء مزدوجة: مسؤولياته داخل المجتمع الأمريكي، والتزامات مالية وأخلاقية تجاه عائلته في الوطن الأم، في وقت لم يعد فيه الدولار بالقوة نفسها التي كان عليها سابقًا.

ما المطلوب؟

ما تحتاجه الجالية العربية اليوم ليس الشكوى، بل الوعي الاقتصادي.

فهم قوانين الضرائب، التخطيط المالي طويل المدى، الاستثمار الذكي بدل الاستهلاك الاستعراضي، وبناء شبكات دعم مهنية داخل الجالية، كلها أدوات أساسية للنجاة والنجاح في هذا الواقع الجديد.

كما أن على الإعلام العربي في المهجر أن يلعب دورًا توعويًا، بعيدًا عن التهويل أو التجميل، وأن يقدّم للمغترب العربي معرفة حقيقية تساعده على اتخاذ قرارات اقتصادية رشيدة.

خاتمة

العالم يتغير، وأمريكا لم تعد تلك الأرض السهلة التي “يصلها المرء فينجح تلقائيًا”. النجاح اليوم يتطلب وعيًا، انضباطًا، وقدرة على التكيّف مع اقتصاد عالمي متقلب.

والجالية العربية، بما تملكه من خبرات وعقول، قادرة على الصمود والارتقاء… شرط أن تدرك أن الزمن تغيّر، وأن الإدارة الذكية للموارد لم تعد خيارًا، بل ضرورة.

كاتبة المقال .. الإعلامية الدكتورة كريمة الشامي الجزائري … بروفيسورة في علم النفس – هيوستن.

 اقرأ أيضا

الإعلامية الجزائرية د.كريمة الشامي الجزائري تكتب لـ «30 يوم»: العنف المالي … حين يتحوّل الزوج إلى سالب لحياة امرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى