الإعلامية الجزائرية د. كريمة الشامي الجزائري تكتب لـ «30 يوم»: الخلايا الجذعية … حين يلتقي العلم بضمير الإنسان
د. عبد السلام البلوشي نموذجًا في العقود الأخيرة، لم يعد الطب علمًا يداوي الأعراض فحسب، بل أصبح علمًا يسعى إلى إعادة بناء الإنسان من الداخل.
ومن بين أعظم ما أنجزه العقل البشري في هذا المسار، يبرز علم الخلايا الجذعية (Stem Cells) بوصفه أحد أكثر فروع الطب حداثةً وأملًا.
الخلايا الجذعية هي خلايا أولية تمتلك قدرة فريدة على الانقسام والتمايز، أي التحول إلى أنواع متعددة من خلايا الجسم: عصبية، عضلية، دموية، أو غيرها. هذه الخاصية الاستثنائية جعلتها محورًا لأبحاث كبرى في علاج أمراض كانت تُعدّ مستعصية، مثل أمراض الجهاز العصبي، وإصابات الحبل الشوكي، وأمراض القلب، وبعض اضطرابات المناعة والشيخوخة المبكرة.
لكن أهمية الخلايا الجذعية لا تكمن في قدرتها العلاجية فقط، بل في الفلسفة الطبية الجديدة التي تمثلها: الانتقال من منطق “العلاج بعد التلف” إلى منطق “الإصلاح والتجديد”.
وسط هذا المشهد العلمي المتسارع، تبرز أسماء قليلة استطاعت أن تجمع بين التميّز العلمي والبعد الإنساني، ومن بينها اسم عبد السلام البلوشي، الطبيب الأمريكي من أصول إماراتية، الذي وصل إلى أعلى المراتب في البحث الطبي المتقدم، دون أن يتخلّى عن هويته أو جذوره.
تميّز الدكتور البلوشي في مجال الطب التجديدي والخلايا الجذعية ليس فقط بإنجازاته البحثية، بل بقدرته على ترجمة العلم المعقّد إلى أمل واقعي للمرضى. فهو ينتمي إلى مدرسة طبية حديثة ترى في المريض إنسانًا كاملًا، لا حالةً سريرية مجرّدة، وفي الطب رسالة أخلاقية قبل أن يكون مهنة تقنية.
ورغم اندماجه الكامل في المنظومة العلمية والطبية الأمريكية، ظلّ الدكتور البلوشي وفيًّا لتراثه وأصله الإماراتي، حاضرًا بثقافته وقيمه، مؤمنًا بأن الانتماء الحقيقي لا يتناقض مع العالمية، بل يعمّقها. هذا التوازن بين الجذور والانفتاح هو ما منح مسيرته طابعًا خاصًا، وجعل اسمه حاضرًا في الأوساط العلمية باحترام وتقدير.
إن الحديث عن الخلايا الجذعية هو حديث عن مستقبل الطب، لكن الحديث عن نماذج علمية مثل الدكتور عبد السلام البلوشي هو حديث عن مستقبل الإنسان نفسه: إنسان قادر على أن يبدع، ويُجدّد، ويُداوي، دون أن يفقد بوصلته الأخلاقية أو هويته الثقافية.
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا، يبقى الرهان الحقيقي على علماء يجمعون بين العقل المتقد والقلب الحي… وهنا يصنع الفرق.
كاتبة المقال .. الإعلامية الدكتورة كريمة الشامي الجزائري … بروفيسورة في علم النفس – هيوستن.
اقرأ أيضا




