تكنولوجياتوبكُتّاب وآراء

الإعلامي خالد سالم يكتب لـ «30 يوم»: الذكاء الاصطناعي محرك التحول في حياتنا اليومية

في العقد الأخير، انتقل الذكاء الاصطناعي من كونه مفهوماً نظرياً في أفلام الخيال العلمي إلى جزء لا يتجزأ من نسيج حياتنا اليومية. لقد أصبح هذا التكنولوجيا القوية أداة تحولية تعيد تشكيل طريقة عيشنا، عملنا، تواصلنا، وحتى تسليتنا. فكيف يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة حياتنا اليومية؟

في منازلنا: نحو حياة أكثر ذكاءً وراحة

أصبحت المنازل الذكية واقعاً ملموساً بفضل الذكاء الاصطناعي. من خلال المساعدات الصوتية مثل “مساعد Google” أو “Alexa”، يمكننا التحكم في الإضاءة، التدفئة، التبريد، والأجهزة المنزلية بمجرد الأوامر الصوتية. تتكيف هذه الأنظمة مع عاداتنا وتفضيلاتنا، فتقترح، على سبيل المثال، تشغيل المكيف قبل وصولنا إلى المنزل في يوم حار، أو تخبرنا بنفاد الحليب من الثلاجة. كما ساهم الذكاء الاصطناعي في أجهزة الأمن المنزلية التي تميز بين حركة الإنسان والحيوان، وتنبهنا للزوار غير المعتادين، مما يعزز شعورنا بالأمان.

في صحتنا: رفيق نحو عافية أفضل

يقدم الذكاء الاصطناعي دعماً غير مسبوق في مجال الصحة الشخصية. تطبيقات اللياقة البدنية والنوم تحلل أنماط نومنا وحركتنا لتقدم توصيات مخصصة. الأجهزة القابلة للارتداء تراقب معدل ضربات القلب وتكتشف irregularities المحتملة. وفي التشخيص الطبي، يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء في تحليل الصور الإشعاعية بسرعة ودقة عالية، مما يسرع عملية الكشف عن الأمراض مثل السرطان في مراحله المبكرة. حتى في المتابعة الدوائية، هناك تطبيقات تذكرنا بمواعيد الأدوية وتتواصل مع الصيدليات للتجديد التلقائي.

في تعلمنا: معلم شخصي لا يمل

يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في التعليم من خلال التخصيص. المنصات التعليمية تستخدمه لتقييم مستوى المتعلم وفهمه، ثم تقديم دروس وأنشطة تلبي احتياجاته الفردية، وتسير بسرعته الخاصة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون “مدرساً افتراضياً” يجيب على الأسئلة على مدار الساعة، أو يولد تمارين إضافية في نقاط الضعف. بالنسبة لتعلم اللغات، توفر التطبيقات المبنية على الذكاء الاصطناعي ممارسة المحادثة مع “رفيق افتراضي” يصحح النطق والقواعد فورياً.

في عملنا: شريك للإنتاجية والإبداع

أصبح الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها في العالم المهني. فهو يساعد في أتمتة المهام الروتينية مثل جدولة الاجتماعات، فرز البريد الإلكتروني، وإدخال البيانات، مما يحرر وقتنا للمهام الإستراتيجية والإبداعية. في مجال الكتابة والتحرير، تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في صياغة النصوص، التدقيق اللغوي، وحتى توليد أفعار للمحتوى. كما يستخدم في تحليل البيانات الضخمة لاكتشاف اتجاهات السوق واتخاذ قرارات أعمال أكثر استنارة. حتى في التصميم والفن، أصبح أداة مساعدة للمبدعين لاستكشاف أفكار جديدة.

في تنقلاتنا وترفيهنا: تجارب أكثر سلاسة ومتعة

غيّر الذكاء الاصطناعي طريقة تنقلنا من خلال خرائط الملاحة التي تحلل حركة المرور في الوقت الفعلي لتقدم لنا أسرع الطرق. كما هو القلب النابض لسيارات القيادة الذاتية المستقبلية. وفي مجال الترفيه، تقوم منصات مثل Netflix وSpotify بتحليل عادات المشاهدة والاستماع لدينا لتقديم توصيات دقيقة تتناسب مع ذوقنا. في صناعة الألعاب، يخلق الذكاء الاصطناعي شخصيات غير قابلة للعب (NPCs) ذات سلوكيات معقدة وتفاعلية، مما يجعل تجربة اللعب أكثر غنى وتحدياً.

نحو توازن حكيم

لا شك أن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصاً هائلة لتحسين كفاءتنا، راحتنا، وجودة حياتنا بشكل عام. لكن الاستفادة المثلى منه تتطلب وعياً بالتحديات المصاحبة، مثل قضايا الخصوصية، والاعتماد الزائد، والتحيز الخوارزمي المحتمل. يجب أن نتعامل مع هذه التكنولوجيا كأداة قوية في أيدينا، لا كبديل للقرار البشري والعلاقات الإنسانية. بمزيج من الانفتاح على الإمكانيات والوعي بالحدود، يمكننا تسخير الذكاء الاصطناعي لبناء حياة يومية أكثر ذكاءً، سهولة، وإثراءً للجميع.

كاتب المقال : خالد سالم – إعلامي .. نائب الامين العام لاتحاد الإعلاميين الأفريقي الأسيوي.

اقرأ أيضا

الإعلامي خالد سالم يكتب لـ «30 يوم»: لذة العيش في السفر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى