د. أمل رمزي تكتب لـ «30 يوم»: هدى شعراوي امرأة من زمن الكبار
فى ذكرى رحيل هدى شعراوى، نتذكر امرأة مصرية قوية لم تكن مجرد اسم على ورق، بل كانت صوتاً للحق وضميراً حياً للوطن، هذه السيدة العظيمة فهمت مبكراً أن مصر لا يمكن أن تتحرر بنصف طاقتها، وأن المرأة إذا ظلمت، فإن الوطن كله يدفع الثمن، لذلك حين خرج المصريون فى ثورة 1919 خرجت هدى شعراوى فى المقدمة، لا خلف الرجال، بل تقود المظاهرات وتواجه الاحتلال وتهتف لسعد زغلول، وتدرك أن الاستقلال لا يمنح بل ينتزع.
أسست الاتحاد النسائى المصرى فى وقت كان مجرد الحديث عن حقوق المرأة يعد خروجاً على المألوف، لكنها كسرت هذا المألوف، وفتحت الباب واسعاً أمام أجيال من النساء ليشاركن فى الحياة العامة، فى السياسة، وفى العمل وفى صناعة القرار، لم تكن معركتها ضد المجتمع، بل من أجل إصلاحه ولم تكن ثورتها على القيم بل على الظلم الذى اختبأ خلفها.
هدى شعراوى واجهت عادات قاسية على المرأة، لكنها لم تتنكر لهويتها، ظلت مصرية حتى النخاع، ابنة الصعيد المعتزة بجذورها، القوية بطبعها الصلبة فى مواقفها، لتؤكد أن المرأة القوية لا تفقد أنوثتها، وأن التقدم لا يعنى التخلى عن الأصول والتقاليد.
وكان موقفها من القضية الفلسطينية شاهدا على وعيها القومى المبكر، فقد أدركت منذ البداية أن ما يحاك هناك خطر على الأمة كلها، فدعمت فلسطين بلا حسابات وبلا مجاملات، إيماناً منها بأن من يدافع عن الحق فى وطنه، لا يمكن أن يصمت عن الظلم فى أى مكان.
اليوم ونحن نستعيد هذه السيرة المشرفة، نؤكد أن المرأة المصرية لم تكن يوماً عنصراً ثانوياً فى تاريخ هذا الوطن، بل كانت فى الصفوف الأولى دائماً، فى الثورة، وفى الحرب، وفى البناء، وفى تحمل الأزمات. وما نراه اليوم من حضور قوى للمرأة فى مؤسسات الدولة، وفى البرلمان، وفى مواقع المسئولية هو امتداد طبيعى لتاريخ طويل من النضال والتضحيات.
التحية لهدى شعراوى ولكل امرأة مصرية حملت هم هذا الوطن فى قلبها، والتحية لنساء مصر شريكات الوطن، وحارسات هويته وصمام أمانه فى كل المراحل…
حفظ الله مصر حفظ الله نساء مصر العظيمات.
موضوعات متعلقة
د. أمل رمزي تكتب لـ «30 يوم»: حرب السودان تخرج عن السيطرة




