توبكُتّاب وآراء

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم»: المشهد المُرتبك والديمقراطية المنشودة

أدت نسبة المشاركة الضئيلة للشعب المصرى لانتخابات مجلس النواب 2025 إلى زيادة المشهد السياسى والانتخابى ارتباكًا، بعد أن هبطت هذه النسبة من 10% إلى 2% و3% فى دوائر الإعادة والمرحلة الثانية، وهى نسبة سيئة للغاية، لم  يشهدها تاريخ مصر الحديث.

وتكمن خطورة هذه النسبة المخجلة فيما تحمله من دلالات، تجسد ما يسكن عقول المصريين من عدم ثقة فى معظم المرشحين، والاعتراض على نظام انتخابى سمح بتوغل المال السياسى، وجعل ملايين المصريين بمن فيهم النخبة المثقفة يطالبون بإلغائه والعودة للنظام الفردى فقط.

ومع أن العزوف عن صناديق الانتخاب فى دوائر الإعادة والمرحلة الثانية كان أقل بكثير من المرحلة الأولى، وخاصة فى دوائر التعصب القبلى والالتفاف حول مرشح معارض بعينه نكاية فى مرشح محسوب على الحكومة، إلا أن سقوط رموز بعض الأحزاب الكبيرة أمام عدد من المستقلين الفرديين فى الإعادة، رفع من درجة الارتباك.

لقد انكشف المستور وجاء  الصندوق بما يريده أبناء الدائرة بأصوات حقيقية غير مزيفة، ألقت بمن كانوا فى القمة إلى القاع، بل أخرجتهم من السباق، وفضيحة ما حدث فى إمبابة وقنا وسوهاج وأسوان وغيرها من المدن أقوى دليل.

إن انصراف وعدم اهتمام الشعب باختيار نوابه بهذا الشكل المخزى الذى لا يليق بمكانة مصر السياسية، يحمل الكثير من الدروس، وينبغى ألا يمر مرور الكرام على المؤسسات الحزبية والإعلامية العامة والخاصة، وعلى المسئولين عن توجيه وتشكيل الرأى العام، وعلى المجتمع المدنى المسئول عن تنشيط ذاكرة المصريين، واحتواء المرحلة المقبلة وما تفرضه من تحديات تأسيس الجمهورية الجديدة سياسيًا وتشريعيًا واقتصاديًا.

وما بين شائعات إحالة محكمة النقض ما لديها من طعون (الدعوى التى حملت رقم 7805 لسنة 72 قضائية) إلى المحكمة الدستورية العليا، واستمرار الهيئة الوطنية للانتخابات فى إكمال الاقتراع، يبقى المواطن (الناخب المصرى) حائرا.. ويستمر أيضا السؤال من المسئول عن هذا العبث؟ وكيف يُحاسب؟ وإلى أين المصير إذا ما حكمت المحكمة الدستورية بالبطلان؟

إن العملية برمتها الآن أصبحت على المحك،  إما الإلغاء، ويقول الجميع  (ضاعت فلوسك يا صابر) للدولة والمرشحين الذين يتمسحون بها ويتحدثون بلسانها، أو الاستمرار لحفظ ماء الوجه سياسيًا فى الداخل والخارج، وعدم إهدار ما تم إنفاقه من مليارات على انتخابات ونتائج غير موثوق بها، ستبقى عرضة للقيل والقال، إلى أن يتم حل البرلمان ونقل السلطة التشريعية مؤقتًا، ووفقًا للدستور إلى رئيس الجمهورية (وأعتقد أن هذا هو السيناريو الذى تتجه إليه الدولة).

إننى كمواطن مصرى أناشد الرئيس السيسى، وبمجرد الانتهاء من هذه الانتخابات، ويسدل الليل ستائره على ما يحدث فى ظلمته من مهازل، أن يتبنى عملية إصلاح سياسى موسعة، أو على الأقل يعطى الضوء الأخضر، بعد أن ثبت وباليقين أنه وحده القادر على ذلك، وذلك حماية لما بدأناه من خطوات على طريق يبدو طويلًا.

ولا يخفى على أحد، أن جموع الشعب المصرى من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب يحدوها الأمل فى نظام سياسى يحمى مكتسبات ثورة 30 يونيو التى أعادت مصر بعد اختطاف، ونجت بالوطن مما كان ينتظره من ضياع وانهيار، يستهدف صانعوه إسقاط الدولة وإضعافها إقليميًا ودوليًا كما حدث لبعض دول الجيران.

نريد ما يتواءم وتجربتنا السياسية ورغبتنا فى أن نعيش ديمقراطية حقيقية قطعنا جزءًا من مشوارها، وما تبقى ليس صعبًا ولا مستحيلًا؛ طالما وجدت إرادة سياسية تلتقى مع إرادة شعبية تلتف حول قائد لن يسمح بعبث، ربما يقود الشارع إلى فوضى وإلى ما لا يحمد عقباه.

Samysabry19@gmail.com

 اقرأ أيضا

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : لماذا الاستمرار يا «هندسة» ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى