كتب – نادر السويفي :
حالة من الغضب والاستياء والمشاحنات ارتفعت وتيرتها على خلفية قرارات تصنيف المناطق السكنية التي أصدرتها المحافظات لقانون الإيجار القديم، والتي نتج عنها زيادات مفاجئة وكبيرة في القيمة الإيجارية تفوق إمكانيات المستأجرين ما جعل البعض يفسرها بأنها محاولة من الحكومة والمحافظات لفرض أمر واقع لترك المستأجر شقته قسرا للمالك.
ورغم أن مشرعين ونيابيين وقانونيين ومحاميين حذرت من أن التطبيق الحالي للتصنيفات يفتقر إلى العدالة، ويهدد بخلق أزمات اجتماعية جديدة، خاصة بين الفئات محدودة الدخل إلا أن الحكومة والمحافظات لم يغيروا أو يعيدوا مراجعة المناطق والتي يتم تصنيفها ككتلة واحدة متوسطة أومتميزة دون وجود فوارق بين شارع وأخر داخل المنطقة وأحيانا في المنزل الواحد وبين سكن مبني في التسعينات وآخر في الثلاثينات أو الأربعينات.
وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب بضرورة إعادة النظر في تقسيم المناطق إلى «اقتصادية ومتوسطة ومتميزة»، مؤكدين أن استمرار العمل بالتصنيفات الحالية دون مراجعة دقيقة يُخل بالتوازن المطلوب بين حقوق المالك وقدرة المستأجر على السداد، ما يستدعي تدخلًا تشريعيًا وتنفيذيًا عاجلًا.
و تصل بعض الشقق بعد الإيجار الجديدة إلى ألفين وثلاثة وخمسة آلاف جنيه رغم أن الشارع ضيق ومبنى قديم بينما في الواجهة المقابلة إيجار أقل حسب الإيجار الأصلي والذي تم من خلاله التصنيف إلى عشرة وعشرين ضعفًا.!!
وطالب النواب ومنهم من وافق على القانون بضرورة مراجعة التصنيفات وقيمة الأجرة حسب كل شارع أو حارة حتى تتحقق العدالة ويمكن من خلالها أن يسدد المستأجر إيجاره حيث رفض الكثيرون سداد الأجرة الشهرية الشهر الحالي “ديسمبر” بعد إقرار زيادة العشر والعشرين ضعفا.
مشاجرات بسبب قانون الإيجار القديم
وكشف نواب والقانونيون، عن أن القانون يعتمد على قرارات المحافظين في تقسيم المناطق إلى ثلاثة مستويات، وهو ما أدى إلى تفاوت كبير في تطبيق الزيادات الإيجارية بين محافظة وأخرى، بل وداخل المنطقة الواحدة حيث أن آلية الزيادة تنص على مضاعفة القيمة الإيجارية 10 مرات في المناطق الاقتصادية بحد أدنى 250 جنيهًا، و10 مرات في المناطق المتوسطة بحد أدنى 400 جنيه، بينما تصل إلى 20 مثلًا في المناطق المتميزة بحد أدنى ألف جنيه، وزاد الطين بلة المطالبة بأثر رجعي مع بدء تنفيذ القانون ما جعل المستأجر يسدد أرقاما خيالية وكثير منهم رفض السداد والبعض الآخر دخل في مشاجرات ومعارك لاتنهي وصلت لأقسام الشرطة.
وفوجئ بعض المستأجرين بإعادة تصنيف مناطقهم من «اقتصادية» إلى «متميزة» بعد سدادهم الحد الأدنى لعدة أشهر، ليُطالبوا لاحقًا بسداد فروق بأثر رجعي رفعت الإيجار إلى 4 آلاف وأحيانا 5 آلاف جنيه.
غياب العدالة في قانون الإيجار القديم
وأكد قانونيون ومحاميون أن ماحدث ويحدث فوضى قانونية وإدارية ترسخ عدم العدالة وتدخل البلد في نفق مظلم.
وأكد عاطف المغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، في تصريحات صحفية ، أن قانون الإيجار القديم، بصيغته التي تتجه لإنهاء العلاقة الإيجارية، يضع آلاف المستأجرين أمام مستقبل غير واضح، مشددًا على ضرورة أن يتدارك البرلمان الجديد هذه التداعيات الاجتماعية.
لافتا أن لجان المحافظات أعدّت تصنيفات أثارت غضبًا واسعًا بين المستأجرين، وبعض الحالات تعرضت لأزمات صحية نتيجة الضغوط المالية المفروضة، مطالبًا بمراجعة شاملة للتصنيفات التي رفعت قيمة الإيجار في مناطق تفوق قيمتها الحقيقية في السوق.
محذرين من أن تصنيف مناطق كاملة ككتلة واحدة «متوسطة» أو «متميزة» وتجاهل الفروق الواضحة بين الشوارع الرئيسية والمناطق الجانبية، يستبب في مشاكل تنعكس على الوطن ككل.
مطالبًا بوضع معايير دقيقة تشمل عرض الشارع، ومستوى الخدمات، وتوافر المرافق، على غرار ما تم في قانون التصالح، خاصة أن الأزمة تمس بالأساس الفئات غير القادرة، مثل مستفيدي «تكافل وكرامة»، والأرامل، وذوي الإعاقة، وغالبية أصحاب المعاشات، كاشفًا عن رفض مقترحات برلمانية كانت تهدف لتحمل الدولة دعم هذه الفئات، مع ضمان حصول الملاك على مستحقاتهم كاملة.
وضرب مثالًا بحالة صاحب معاش يتقاضى 3500 جنيه شهريًا، وأصبح مطالبًا بسداد إيجار 5000 جنيه بعد تصنيف منطقته كـ«متميزة»، أو حتى متوسطة واقتصادية،معتبرًا أن هذا الوضع يستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا قبل تفاقم الأزمة.
وينص القانون على أن تُحتسب القيمة الإيجارية الجديدة اعتبارًا من الشهر التالي لتاريخ العمل به، بواقع 20 مثلًا في المناطق المتميزة، و10 أمثال في المناطق المتوسطة والاقتصادية، مع الالتزام بسداد الفروق المستحقة على أقساط شهرية عقب صدور قرارات المحافظين المختصين.




