محمد حسام يكتب لـ «30 يوم»: حاكموهم بتهمة إهانة صورة مصر الرياضية
تعيش الكرة المصرية منذ سنوات في دائرة مفرغة من الفشل والإخفاقات تتكرر فيها الأخطاء نفسها، وتعاد فيها نفس الوجوه بدون محاسبة وتضيع المسؤولية بين لجان واتحادات ومجالس إدارات لا يتحمل أحدا منهم ثمن الفشل ومع كل إخفاق سواء فى البطولات القاريه أو الدولية يطرح السؤال نفسه لماذا لا تتم محاكمة ومحاسبة المسؤولين عن كوارث الكرة المصرية وعلى رأسهم مسئولو اتحاد الكرة ورابطة الاندية وأصحاب المصالح لاسيما بعد انفاق ميزانيات بالملايين دون جدوى.
لابد من وجود تقارير معلنة أو لجان محاسبة مستقلة لينتج عن ذلك نتائج تحقيق تعرض على الرأي العام بشفافية كاملة لتتم المحاسبة الفوريه للمسئولين بتهمة إهانة صورة مصر الرياضية إقليميا ودوليا خاصة وأن أي منظمة تسعى لموجات إصلاح لأبد و أن يسبقها محاسبة صارمة لوقف النزيف المستمر للمال العام في قطاع الرياضة والتأكد من أسناد مهمة الإشراف على الكرة المصرية لكفاءات حقيقية أصحاب الخبرة لا لمجرد العلاقات والبزنس لتأسيس منظومة كروية ناجحة.
لتصيح الدولة الآن مسؤولة عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومراجعة ملفات المعسكرات والسفريات الخاصة بجميع المنتخبات التى أخفقت في شتى البطولات لتنتهى ثقافة “محدش بيتحاسب” التي دمرت النظام الكروي في مصر.
ولم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب الكرة المصرية منذ سنوات بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.
الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء بأداء باهت غياب استقرار فني تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.
وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.
فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل كأس الأمم الإفريقية في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.
ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.
ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية والضعف البدني الواضح وغياب التخطيط طويل المدى.
في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.
النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية رياضية حديثة ومشروعات لرعاية الموهوبين واستقرار فني وإداري بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.
النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.
فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية وغياب رؤية طويلة المدى المسئول عنها اتحاد الكرة الذي يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار بجانب عدم الأهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.
وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.




