الإعلامي حمدي رزق يكتب : صباحات المصريين المنعشة .. « يا صباح التفاح أشرلي وأنا ارتاح »
أجمل صباحات، الصباحات المصرية الشعبية، منعشة، خفيفة لطيفة سريعة موجزة، تمنحك شعورا بالتفاؤل، وتزيدك من الأمل، وتلون يومك بسعادة تدوم طويلا ..
من الصباحات التي عمرت طويلا في الذاكرة المصرية مقطع من أغنية “رنة خلخالي يا ماه” تغنت بها الفنانة اللطيفة ” فاطمة قدري ” ، وتحديدا اصطباحة “يا صباح التفاح أشرلي وأنا ارتاح..” وفيها من النغش الشعبي ما يرفع مستوى هرمونات السعادة في الدم .
هرمونات السعادة تتنوع، أبرزها السيروتونين (لتنظيم المزاج والشعور بالهدوء)، والدوبامين (لتعزيز التحفيز والمكافأة)، والإندورفين (لتسكين الألم وزيادة الشعور بالبهجة)، والأوكسيتوسين (لتعزيز الروابط الاجتماعية والشعور بالدفء).. يمكن تعزيز مستويات هذه الهرمونات بصباحات مفعمة بالبهجة، وهذا ما وجدنا عليه أباءنا، وعلى طريقهم سائرون..
**
من كلمات المبدع “مرسي جميل عزيز” وتلحين الراقي “محمد الموجي” يصدح الكروان “محمد قنديل” صباحا من مذياع سيارة تمر متمهلة تنثر البهجة فى النفوس: “يا حلو صبح يا حلو طل / يا حلو صبح نهارنا فل” فيرد مذياع آخر فى سيارة متوقفة وقتيا فى الإشارة بكلمات طيب الذكر “عبد الوهاب محمد” وتلحين شيخ الطرب سيد مكاوي” وبصوت الكروان “محرم فؤاد”: “أجمل صباح عندي / صباحك الوردي صباحك البسام / رايق ومتندى بصباحك الوردي”.
وتنثر كوكب الشرق “أم كلثوم” البهجة بأغنيتها الرائقة، يا صباح الخير يا اللي معانا، يا اللي معانا
الكروان غنى وصحانا، وصحانا، وأن تعدوا أغاني الصباح لا تحصوها .
**
أصحو مبكرا أصبح علي نفسي ، واغتبط بأغنية رائقة ووردة ندية ، و مثلي كثير، مثل العصافير من الفجرية ترقب شروق الشمس، تشقشق غبطة وسرور، عادة موروثة من بواكير الصبا، أيام الزرع في الغيطان يكسوه الندى يلمع، وربنا لا يقطعها عادة ..
وعادة إلكترونية راقية استجدت في صباحاتي الباكرة ، إفشاء الصباح على الحسابات الإلكترونية، فيس وواتس وتويتر، قبل أن يتسمي ( إكس) ، الحمد لله، تعويض إلكتروني حداثي عن صباحات شفاهية، نعمة وتدوم .
أنال نصيبا معتبرا من صباحات التواصل الاجتماعي، مبهجة ورود الصباح اليانعة، وكلمات الاستفتاح الرائعة، ووسوم ورسوم فى صور لطيفة تفتح النفس على صباحات الوطن الطيبة .
كل صباح ينثر الطيبون ورودهم على الحسابات الإلكترونية فتصل يانعة إلى المحبين، مصحوبة بدعوات وصلوات وتسبيحات وشقشقات العصافير بأجنحة خضراء تثير تفاؤلا يغشى النفوس، وتخلف إحساسا بجمال الخلق، وجودة الحياة .
عادة ما أرد بورود منتقاة من “حدائق جوجل” اليانعة ما استطعت، الحسنة بعشرة أمثالها، وتحية الصباح، بأحسن منها، في مثل هذه الصباحات الشتوية المنعشة تصبح مثل هذه الدعوات الطيبات في باقات الورود فألا حسنا .
**
تفاءلوا خيرًا تجدوه، الاستبشار حالة نفساوية تنتقل بالعدوى، موجبات تنسخ السلبيات، ترطب حرور الحياة، وتنسم على الوجوه، تستعيد بهجة الزمن الجميل، يوم كان إفشاء تحية الصباح معطرة بماء الورد، وصوت عابرة الأجيال “أم كلثوم” يصبح على الخلايق “يا صباح الخير يا اللى معانا ”
ليس كل ما يصدر عن صفحات التواصل سيئات، بعضها حسنات ومن الحسنات فيض الصباحات، تفرح القلب، وفي صباحاتهم حق للسائل والمحروم، والمحرومون من تحيات الصباح كثر، والإغداق من الخيرات من الموجبات “أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ” (المؤمنون / ٦١).
**
قال هند بن أبي هالة (رضي الله عنه)، كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائم الْبِشْرِ، سهل الخُلُق، لَيِّنَ الجانب”.
قال ابن عيينة: “البَشَاشَة مصيدة المودَّة، والبِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن”، وقيل شعرا “أخو البِشْرِ محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِهِ ولن يعدم البغضاءَ منْ كان عابسا”.
الابتسامة في الوجوه أسرع طريق إلى القلوب، وأقرب باب إلى النفوس، وهي من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها، وقد فطر الله الخَلْقَ على محبة صاحب الوجه المشرق البسَّام، وكان نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثر الناس تبسُّمًا، وطلاقة وجهٍ في لقاء من يلقاه، وكانت البسمة إحدى صفاته التي تحلّى بها، حتى صارت عنوانا له وعلامةً عليه، حتى الأطفال كان يبتسم في وجوههم ويُحسِن لقاؤهم، يعرف ذلك كل من صاحبه وخالطه، كما قال عبد الله بن الحارث (رضي الله عنه): “ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله ( صلّ الله عليه وسلم) ”
وتصف ستنا عائشة (رضي الله عنها) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقول: (كان ألين الناس، وأكرم الناس، وكان رجلا من رجالكم إلا أنه كان ضحاكًا بسّامًا) .
**
الصباح لله، تبسمك فى وجه أخيك صباحا صدقة، كسر الجهامة من حسن الأعمال ، وفك التكشيرة نصيحة مجربة ، ورسم البسمة من علامات الصحة، المجتمع السليم تبتسم فيه الوجوه، وجوه ناضرة، ونضرة الوجوه حسنها، الوجوه المسرورة نعمة ، وسرور البشر محبة فى الله سبحانه.




