كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مخاوف إسرائيلية وأمريكية حادة من تصاعد التطور العسكري المصري خاصة بعد الكشف عن طائرة مسيرة انتحارية جديدة تحمل اسم “جبار-150”.
و”جبار-150″ تعد – وفق التقديرات العسكرية – قفزة نوعية في قدرات الجيش المصري على تطوير وسائل قتالية غير مكلفة لكنها فعّالة.
ووفق تقرير نشره موقع “كيكار هاشبت” الإخباري الإسرائيلي، فإن المعهد القومي للصناعات العسكرية المصري عرض الأسبوع الماضي هذا الطراز الجديد من الطائرات المُسيّرة، والذي يمتلك مدىً يصل إلى 1000 كيلومتر، ويحمل رأسًا حربية بوزن 50 كيلوجرامًا، بينما لا تتجاوز تكلفة تصنيع الواحدة منه بضع عشرات الآلاف من الدولارات.
وأشار التقرير العبري إلى أن “جبار-150” صُمّمت وفق هندسة “جناح طائر” مع مروحة دافعة خلفية، وهو هيكل يشبه إلى حد كبير طائرة “شاهد-136” الإيرانية.
وأكدت المصادر المصرية أن الطائرة قادرة على الطيران على ارتفاع منخفض ولها بصمة رادارية ضعيفة، ما يصعّب رصدها والتعامل معها.
ولفت تقرير الموقع العبري إلى أن السلطات المصرية أكدت أن تطوير “جبار-150” يأتي في إطار استراتيجيتها الرامية إلى امتلاك قدرات دفاعية “لا متماثلة” بتكلفة منخفضة، بهدف مواجهة طائرات مُسيّرة باهظة الثمن مثل طائرة “الهيرمس 900” الإسرائيلية التي تنتجها شركة “إلبيت”، أو الطائرة الأمريكية “MQ-9 ريبِر”.
وأشار الموقع العبري إلى أن هذا الإعلان أثار أيضا غضبًا شديدًا في طهران، حيث اتهمت وسائل إعلام إيرانية رسمية مصر بنسخ تصميم “شاهد-136” بشكل مباشر، وزعمت أن القاهرة حصلت على دعم تقني واسع من إيران لتطوير طائرتها الجديدة، وهو ما لم تؤكد عليه أو تنفه أي جهة مصرية حتى الآن.
وأضاف تقرير الموقع العبري أن خبراء عسكريين في تل أبيب يرون أن التشابه بين “جبار-150″ و”شاهد-136” ليس مجرد تقارب شكلي، بل يمتد إلى التفاصيل الفنية، ما يثير تساؤلات جدية حول مدى استقلالية التطوير المصري.
واعتبر هؤلاء أن ظهور هذا الطراز يعكس سباقًا إقليميًا متزايدًا لامتلاك أسلحة ذكية ومنخفضة التكلفة قادرة على تهديد الأنظمة العسكرية المتطورة التي تعتمد عليها إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة.
وختم الموقع العبري تقريره بالإشارة إلى أن هذا التطور يُعقّد المشهد الأمني في الشرق الأوسط، إذ يمنح جيوشًا تقليدية أو غير تقليدية وسيلة فعالة لفرض توازن جديد ولو جزئيًا ضد التفوق التكنولوجي لخصومها، ما يزيد من وتيرة القلق الإسرائيلي والأمريكي بشأن تبدّل موازين القوى في المستقبل القريب.
و قالت منصة “ناتسيف نت” الإخبارية الإسرائيلية إن مصر كثّفت خلال السنوات الأخيرة جهودها لتعزيز قدراتها العسكرية، في خطوة بلغت ذروتها مع الكشف عن سلاح جديد استثنائي من حيث المواصفات والقدرات، ضمن تحوّل ملحوظ في موازين القوى العسكرية الإقليمية.
ويتجسّد هذا التطور في تصنيع طائرة مسيرة انتحارية محلية الصنع تحمل اسم “جبار-150″، قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف محددة.
وأضافت المنصة أن الطائرة المصرية الجديدة تنتمي إلى فئة “الطائرات المسيرة الهجومية ذات المروحة الواحدة”، ومزوّدة برأس متفجرة يزن بين 40 إلى 50 كيلوجرامًا.
وتتميّز “جبار-150” بقدرتها على الوصول إلى أهدافها ضمن مدى يصل إلى 150 كيلومترًا، وبسرعة تصل إلى نحو 200 كيلومتر في الساعة.
ولفتت إلى أن الطائرة تعتمد أساسًا على أنظمة ملاحة فضائية مدعومة بخوارزميات بسيطة تُستخدم في مرحلة التوجيه النهائية للهجوم، ما يمكّنها من إصابة أهداف ثابتة بدقة عالية، إضافة إلى قدرتها على الطيران على ارتفاعات منخفضة لتفادي الكشف من قبل الرادارات الأرضية وفق تقديرات خبراء عسكريين.
وأشارت “ناتسيف نت” إلى أن شركة “ديفنس إنديستريز” (Defense Industries)، المصنّعة للطائرة، أعلنت عن نيّتها الكشف الرسمي عن “جبار-150” خلال معرض “إيديكس” (EDEX) للصناعات الدفاعية.
وأبرزت المنصة أن أحد أبرز مزايا هذه الطائرة يتمثّل في انخفاض تكلفتها مقارنةً بالطائرات المشابهة، إذ تعتمد على مكونات تجارية متوفرة محليًا وتكنولوجيا بسيطة نسبيًا، ما يتيح إنتاجها بشكل جماعي وبسرعة عالية.
وأضافت المنصة أن إعلان مصر عن “جبار-150” تزامن مع تقارير إعلامية إيرانية ربطت الطائرة الجديدة بطائرة “شاهد-136” الإيرانية، مشيرة إلى تشابه واضح في التصميم والوظيفة. ونقلت عن وكالة الأنباء الإيرانية “مهر” قولها إن صحيفة “وول ستريت جورنال” كانت قد ذكرت أن عدة دول تسعى لنسخ طراز “شاهد”، وتساءلت علناً عما إذا كانت مصر قد نسخته بالفعل.
وفي هذا السياق، نقلت “ناتسيف نت” عن اللواء سمير فرج، المحلل الاستراتيجي والرئيس السابق لإدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة المصرية، قوله في مقابلة تلفزيونية إن كل حرب تُنتج تكتيكات وتجارب جديدة تُحوّلها مراكز الأبحاث والجيوش إلى دروس تُبنى عليها أنظمة أسلحة وطرق قتال مستقبلية. وضرب فرج مثالًا على ذلك بالحرب الروسية-الأوكرانية، التي دخلت عامها الرابع، والتي أثبتت أهمية الطائرات المُسيّرة كوسيلة رخيصة للرصد والهجوم والتضليل مقارنةً بالمقاتلات التقليدية مثل “إف-16” التي تبلغ تكلفة الواحدة منها نحو 90 مليون دولار، في حين لا تتجاوز تكلفة الطائرة المُسيّرة بضعة آلاف من الدولارات.
وأشارت المنصة إلى أن فرج أكد أن الطائرة المُسيّرة لا تحتاج إلى مدرج إقلاع أو طيّار يمر بسنوات من التدريب، بل يمكن تشغيلها بعد فترة تدريب قصيرة نسبيًا، معتبرًا أنها باتت خيارًا مثاليًا في نظم القتال الحديثة، كما ظهر جليًا في الحرب الأوكرانية، وكذلك خلال المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل في “حرب الأيام الاثني عشر”.
وبخصوص الجدل المثار حول التشابه بين “جبار-150” و”شاهد-136″، أكّد اللواء فرج أن مصر “لم تنسخ النموذج الإيراني”، بل اعتمدت نفس “الفكرة” أو “المفهوم” الذي لجأت إليه إيران تحت وطأة العقوبات، حين اضطرت إلى تصنيع طائراتها من مكونات بسيطة ومحلية ومتاحة تجاريًا.
وأوضح أن مصر اتبعت نهجًا مشابهًا لضمان تصنيع طائراتها من مكونات غير خاضعة للرقابة الدولية ولا تتأثر بالضغوط الخارجية.
وأضافت “ناتسيف نت” أن فرج استحضر مشاركة مصر في معرض “إيديكس 2023″، حين قدّمت طائرة مُسيّرة تحمل اسم “نوت”، صمّمها طلاب من الكلية الفنية العسكرية، وكانت حينها طائرة استطلاع.
أما “جبار-150″، فهي النسخة الهجومية المُطورة، ذات المدى الأطول، والحمولة التي تصل إلى 50 كيلوجرامًا، وتعتمد بالكامل على أنظمة الملاحة الفضائية.
وشدّد فرج على أهمية امتلاك مصر لقمر صناعي عسكري خاص بها، لما لذلك من أثر في رفع دقة التوجيه وتقليل احتمالات التدخل أو التشويش الخارجي.
وأشارت المنصة إلى تحذير فرج من أن كشف طائرات مُسيّرة مثل “جبار-150” يشكل تحديًا كبيرًا أمام أنظمة الرادار، نظرًا لصغر حجمها وضعف بصمتها الإلكترونية، ما دفع جيوشًا عالمية إلى سباق محموم لتطوير رادارات قادرة على تمييزها، خاصةً أن هذه الطائرات الصغيرة باتت تشبه الطيور ذات الأجنحة البطيئة في حركتها.
وتوقّع فرج أن تكشف مصر رسميًا عن “جبار-150” خلال افتتاح معرض “إيديكس 2025″، كجزء من تحوّل سريع في طبيعة الحرب الحديثة، حيث تعتمد الجيوش بشكل متزايد على أعداد هائلة من الطائرات المُسيّرة منخفضة التكلفة.
وذكّر بالنهج الإيراني في شن الهجمات، حيث يتم إطلاق أسراب كبيرة من الطائرات المُسيّرة لفتح المجال أمام الصواريخ الموجهة بالمرور عبر أنظمة الدفاع الجوي.
وخلص اللواء فرج، بحسب ما نقلته “ناتسيف نت”، إلى أن مصر تتجه نحو مرحلة “الإنتاج الجماعي” لهذا النوع من الطائرات، نظرًا لأن الحرب الحديثة تتطلب مخزونًا ضخمًا منها. لكنه استبعد أن تتجه مصر إلى تصديرها في المدى القريب، لأن القوات المسلحة ستكون بحاجة إلى كميات هائلة منها قبل أن تفكّر حتى في بيعها للآخرين.
وكانت مصر قد عبرت عن تطور قدراتها التسليحية من خلال منظومة الطائرات المسيرة المصرية جبار لتعزيز حضورها كأحد أبرز حلول التدريب والمحاكاة، بفضل ما تقدمه من مرونة عالية، وكفاءة تشغيلية، وقدرات طيران طويلة تتناسب مع سيناريوهات التدريب المعقدة التي تتطلب دقة وأداء مستقرا.
العميد المتقاعد محمد سيد قال تتميز جبار-150 بتصميم مدمج ورشيق يجعلها مثالية لتلبية احتياجات التدريب الديناميكي الذي يستدعي سرعة في الاستجابة.
ويوضح أنها تستطيع بلوغ سرعة 200 كم/س، والتحليق لمدة 10 ساعات متواصلة، كما يسمح تصميمها المعياري بتسريع عمليات الصيانة وإعادة التشغيل، ما يجعلها خيارا مناسبا للمهام المتكررة والمكثفة.
المواصفات التقنية:
الطول: 3 أمتار
باع الجناح: 2.2 متر
الوزن الأقصى للإقلاع: 150 كجم
السرعة القصوى: 200 كم/س
مدة الطيران: 10 ساعات
المدى الأقصى: 1,500 كم
JABBAR-200.. قدرة أكبر على التحمل والسيطرة
وقد تم تطوير جبار-200، لتقدم أداء متقدما في مهام التحمل والسيطرة، مع قدرة مميزة على البقاء في الجو لمدة تصل إلى 14 ساعة.
تمتاز هذه النسخة بقدرتها على محاكاة تهديدات جوية متطورة، ما يجعلها مناسبة للمهام التدريبية التي تعتمد على الطيران طويل المدى وأنماط الطيران التكيفية.
وتستند جبار-200 إلى هيكل خفيف ووزن إقلاع أقصى يبلغ 200 كجم، ما يمنحها قدرة مناورة محسنة وجاهزية عالية لمهام التدريب المستمرة.
المواصفات التقنية:
الطول: 3.05 متر
باع الجناح: 2.8 متر
الوزن الأقصى للإقلاع: 200 كجم
جبار.. منظومة تضع معايير جديدة
بفضل مرونتها التشغيلية وقدراتها الممتدة، تضع منظومة جبار معيارا جديدا في مجال التدريب الجوي المعتمد على الطائرات المسيرة، لتمنح القوات التدريبية قدرات محاكاة أكثر واقعية، وكفاءة أعلى في مختلف السيناريوهات.




