توبكُتّاب وآراء

الإعلامي حمدي رزق يكتب : 130 سنة إفتاء

أحسنت دار الإفتاء المصرية جمع حصاد ثلاثة عشر عقدًا من لألِئ الفتاوى فى مجلدات فاخرة تذخر بها مكتبة الدار العريقة، ثبت فخيم بما جادت به قرائح كبار المفتيين اجتهادًا و تيسيرًا على عامة المسلمين.

أنشأت دار الإفتاء المصرية فى 12 نوفمبر 1895 الموافق جمادى الآخرة 1313 هـ، بالأمر الصادر من خديوى مصر «عباس حلمى الثانى»، وتولّى منصب مفتى الديار حتى الآن 20 مفتيًا، أولهم طيب الذكر الشيخ «حسونة النواوى»، وخير خلف لخير سلف الدكتور نظير عياد أطال الله عمره.

وبينهما ثمانية عشر مفتيًا على المذاهب الأربعة، جميعًا اجتهدوا فيما ينفع الناس وفق منهج الوسطية والتيسير، تحقيقًا للقاعدة النبوية المستقرة، «إنَّ هذا الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ»، والتيسير كان ولايزال عنوان الدار طوال عهودها، ولم يخالف مفتى منهم تراث الدار العريقة مع الاجتهاد الواجب، و الاجتهاد فى الإسلام هو بذل الجهد واستفراغ الوسع لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية كالقرآن والسنة والإجماع والقياس.

معلوم أن الفتوى تختلف بحسب أحوال البلد، وظروفها، واصطلاحاتها، وأعرافها، وهذه من سنن الدار المرعية التى يعض عليها المفتون تباعًا  بالنواجذ.

لم تختبر مؤسسة دينية مثلما اختبرت المؤسسة الدينية المصرية، الأزهر الشريف، وجناحيه الأوقاف ودار الإفتاء.

استهدف إخوان الشيطان ومن ولاهم من السلفيين والجماعات التى تستبطن حقدًا على مكانة المؤسسة الدينية فى نفوس المصريين، منيتهم نزع مهابة المؤسسة واحترامها  وصدقيتها.

لم يشذ عن الإجماع المصرى من حول المؤسسة العريقة إلا مرضى القلوب، فى قلوبهم مرض زادهم الله مرضًا.

ورغم حملات الكراهية التى شنها المرجفون فى المدينة، ارتقت المؤسسة عاليًا، واستعادت مكانتها، وحملت أمانة تجديد الخطاب الدينى، واجتهدت ما استطاعت إليه سبيلا.

الحديث عن ألق المشيخة الأزهريّة العريقة و شيخها الطيب لا تسعه سطور، كما الحديث عن الأوقاف ووزيرها الأزهرى يعجز عنه القلم السيال، ويزيد المؤسسة ألقًا اكتمال العقد الثالث عشر من عمر دار الإفتاء فى عهدة مفتيها المجتهد الدكتور نظير عياد، على سنة شيخه فضيلة الإمام الأكبر.

الاحتفاء الوطنى بهذه المناسبة الطيبة واجب مستوجب على من خبرها، وعاش سنوات بين أروقتها، وحاور شيوخها، حاورت من مفتيها العظام، طيبى الذكر الدكتور جاد الحق على جاد الحق، والدكتور محمد سيد طنطاوى، وأطال عمر الشيوخ الأفاضل نصر فريد واصل، والدكتور على جمعة، والدكتور شوقى علام، وأخيرًا المفتى الدكتور نظير عياد الذى يسير بالدار سيرًا حسنًا فى طريق خطه المفتون السابقون.

الالتفاف الشعبى من حول دار الإفتاء  يؤشر عليه حصر الفتاوى التى تصدرها الدار سنويًا، ما يزيد على مليون و600 ألف فتوى طلبها أصحابها فى عام مضى، وتم تلبية أشواقهم، ما يترجم ثقة شعبية فى فتاوى الدار التى تحقق مردودًا إلكترونيًا مميزًا، وتنشر فتاويها على محركات البحث الإلكترونية بكثافة.

الدار العريقة استردت ثقة الطيبين، وتبنى عاليًا جدارًا من الثقة وقاية من تغول جماعات تحرف الفتوى عن مقاصدها الشرعية (الوطنية)، لهم فيها مآرب أخرى.

أخبار اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى