إبراهيم الداروي يكتب لـ «30 يوم» : إسرائيل بعد الحرب .. كارثة نفسية تهدد مستقبل المجتمع المتصهين
لم تعد خسائر الحرب بالنسبة لإسرائيل تقاس بالأرواح أو البنى التحتية وحدها، بل امتدت لتشمل المجتمع بأكمله، مخلفة (صدمة جماعية) قد تعيد تشكيل النسيج الاجتماعي والنفسي للبلاد لعقود قادمة. تقرير صحيفة(يديعوت أحرونوت) اليوم، يكشف أن إسرائيل على شفا أزمة نفسية غير مسبوقة، وأن الدولة قد لا تكون مجهزة لمواجهتها بشكل كافٍ.
الأبعاد العميقة للأزمة:
1- صدمة جماعية على نطاق واسع يقدر أن نحو مليوني إسرائيلي سيحتاجون إلى دعم نفسي عاجل، أي ما يقارب خُمس السكان.
فهذه الأرقام تشير إلى حجم الصدمة الجماعية غير المسبوقة، والتي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات مزمنة تشمل القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، مع انعكاسات طويلة المدى على إنتاجية المجتمع وتماسكه،
2- تفكك النسيج الاجتماعي الأزمة النفسية تتجاوز الفرد لتطال المجتمع ككل.
فارتفاع معدلات الإدمان كآلية للهروب من الواقع، وتفكك العائلات، وتراجع الروابط المجتمعية، كلها مؤشرات على تهديد البنية الاجتماعية والأساسية.
أبحاث علم الاجتماع النفسي تشير إلى أن المجتمعات التي تتعرض لصدمات جماعية دون دعم منظم غالبًا ما تشهد زيادة في الانقسامات الداخلية والعنف الأسري.
3-المرحلة الأخطر بعد انتهاء الحرب ذروة الأزمة النفسية غالبًا ما تظهر بعد هدوء المعارك، حيث تبدأ اضطرابات ما بعد الصدمة بالانتشار بشكل واسع. هذه المرحلة تشهد ضغطًا متزايدًا على النظام الصحي والاجتماعي، مما يزيد من مخاطر تفاقم الانهيارات الفردية والجماعية معاً داخل المجتمع الإسرائيلي.
4-نقص الموارد الصحية النظام الصحي النفسي يواجه عجزاً كبيرًا في عدد المعالجين والمتخصصين، مما يعني أن آلافاً وربما ملايين الأشخاص لن يحصلوا على الرعاية اللازمة، مع زيادة احتمالية ارتفاع معدلات الانتحار والعنف الأسري والتفكك المجتمعي والهجرة العكسية من إسرائيل.
5-الأجيال القادمة تحت وطأة الصدمة الأطفال والشباب هم الأكثر عرضة لتأثيرات الصدمة طويلة المدى.
أبحاث علم النفس تشير إلى أن الصدمة تنتقل بين الأجيال من خلال التربية والبيئة الأسرية، ما يجعل آثار الحرب مستمرة لعقود، مع احتمال تأثيرها على القدرات التعليمية والاجتماعية والنفسية للأجيال القادمة.
الانعكاسات السياسية والاجتماعية للأزمة
الأزمة النفسية الجماعية جراء الحروب في إسرائيل لها انعكاسات مباشرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي.
فالضغط النفسي الجماعي الإسرائيلي قد يؤدي إلى تصاعد الانقسامات الداخلية، وضعف الثقة بالمؤسسات، وتغيير أولويات المجتمع من القضايا الأمنية إلى القضايا الاجتماعية والنفسية، وهو ما قد يعيد رسم خريطة السياسات الصهيونية في السنوات القادمة.
فاستمرار الحروب يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية وزيادة معدلات الإدمان والعنف وانتقال الصدمات إلى الأجيال القادمة، مما جعل المجتمع الإسرائيلي المتطرف أكثر هشاشة وتوترًا ويحوّل الكارثة النفسية إلى تهديد طويل الأمد.
وهنا تُظهر التجربة الإسرائيلية أن الانتصارات العسكرية وحدها لا تكفي لضمان استقرار المجتمع الصهيوني.
فتجاهل هذه المعركة قد يجعل ثمن الحرب أكبر بكثير من أي خسائر مادية أو بشرية آنية داخل دولة الكيان.



