خورفكان تضيء مهرجان الفنون الإسلامية بمعرضَي “نور على نور” و”مشكاة”
كتب – هاني عبد الرحمن
في مشهد فني يعكس المكانة الريادية للشارقة في احتضان الفنون الإسلامية، احتفلت مدينة خورفكان بحدث ثقافي لافت ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية، حيث شهد مدرج خورفكان افتتاح معرضين فنيين بارزين هما “نور على نور” و “مشكاة”. وقد افتتح الأستاذ محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة بالشارقة ومدير المهرجان، المعرضين بحضور جمع من الفنانين والإعلاميين ومحبي الفن. وتجول القصير والحضور في ساحة المدرج للتعرف على هذه الأعمال الإبداعية التي تجسد شعار الدورة وهو “سراج”، ساعية بذلك إلى ملامسة روح الفنون الإسلامية من خلال النور المشع فيها.
في تفاصيل العرض، قدم معرض “نور على نور” للفنانة الكويتية أسيل اليعقوب عملاً يجّسد المتخيل والتجريبي، ويعيد تعريف مفهوم النور، سواء أكان مقدساً أم حسياً. تكمن جاذبية هذا العمل في ظاهرة فيزيائية دقيقة؛ إذ حين يضرب شعاع من الليزر الأخضر زيت الزيتون، يصدر الكلوروفيل الكامن فيه توهجاً أحمر، ليصبح العمل بذلك فضاًء لا يُرى فيه النور فحسب، بل يُعاد كيله وتكوينه. فالضوء يدخل كشيء ويخرج كشيء آخر، ليس بتغيير قصري بل بتفاعل دقيق، وما يُرى ليس انعكاساً محضاً، بل استجابة لطريقة استعدادنا للرؤية ذاتها.
أما العمل التركيبي التفاعلي المُلهم، “مشكاة”، الذي أبدعه الفنانان الإماراتيان عبدالله الاستاد و ماجد البستكي، فإنه يشع بوظيفته كمشكاة تحتضن النور الذي نستمده من إيماننا ويقيننا. يمنح التوزيع المساحي للعمل إحساساً بطاقة متجددة، حيث يرافق النور من يسير خالله وحوله وتحته. وتتجسد الأعمدة التي نُقشت عليها الآية (35) من سورة النور في القرآن الكريم بخط عربي بديع، كدليل وسراج لحياتنا ونحو الخير. في حين تحاكي الصفائح المعدنية بصدئها الدنيا وأنفسنا واتكاءنا عليها، لكنها في الوقت ذاته إشارات تهدينا نحو الضياء. يقدم العمل بذلك تجربة حسية وروحية يتداخل فيها النور مع السراج، ليتحول إلى فضاء تفاعلي للرائي يمزج ببراعة بين الرمز والمعنى والشكل والإيحاء.
يبدو التركيب من الأعلى كتكوين بصري رمزي يجمع بين الهندسة الدقيقة والظلال والنور، ليخلق تجربة تأملية تنبض بالمعنى. وتمثل القبة الدائرية المسطحة، بنقوشها الخطية وتجويفها المركزي، عين النور التي تنثر إشعاعها. وفي قلب التركيب، يقف العمود الشفاف كصلة بين السماء والأرض، يوجه النور صعوداً وهبوطاً، ويعيد تعريف العلاقة بين الروح والمكان. وقد ارتكبت القبة على جدارين حديديين صدئين، لتعبر عن مفارقة بين الخشونة والسمة، وبين الثبات والتحول. ويعد ارتكاز القبة على جدارين فقط خياراً هندسياً واعياً يعزز الانفتاح البصري والرمزي، ويترك المجال للنور ليكون هو العنصر الثالث. يتبنى التصميم فلسفة “الأقل هو الأكثر”، حيث تبرز البساطة نقاء الشكل وجوهر الفكرة، وتكمل فراغات الجناح المفتوح بتركيب صامت لكنه مهيب، مع الإشارة إلى أن الخط العربي يأخذ حيزاً وعنصراً واضحاً في هذا العمل التركيبي.




