الأديبة السورية هيام سلوم تكتب لـ «30 يوم» : خشوع الفجر…!
ها أنذا أرتدي عباءة الفجر، وألجُ محراب حروفكَ النديّة،أُصغي إلى خشوع المعنى وهو يتوضأ بندى الشوق،
ألمحُ الحلمَ الشاردَ يلوّح لي من تخوم العمر،
كطائرٍ أضناه التحليقُ، فصار جناحه صلاةً معلّقة بين الأرض والسماء.
وأسمعُ صهيلَ روحكَ وهي تُطرّز الأفقَ بأغنيةٍ،
لا يكتبها إلا العاشقون الذين أودعوا قلوبهم بين ضلوع الانتظار.
كأنّ أنينهم مآذنُ،
وكأنّ قلوبهم مصاحفُ لم تُكتب بالحبر بل بالدمع.
كم بدت ابتسامتكَ ـ المستلّة من غابة الشوق ـ
كقطفِ ضوءٍ من قمر تاه في غابات الليل،
وكم بدا نزيف الصوت الذي لملمتُه،
أشبه بندف ثلجٍ يُذيبُ ظمأ المسافات الطويلة.
وغبتَ…
غبتَ كغيمةٍ ثقيلة بالحلم،
تهطل عشقًا على تربة قلبي الظامئ،
كأنكَ سحابةُ عرفانٍ،
تُخفي في جوفها أسرارَ النور،
وتسكب على روحي مطراً من يقين.
حتى إذا لاح طيفُك فجراً،
وأطلّت شمسُ نيسان بثغرها الضحوك،
أتاكَ لا يحمل إلا نبضه،
وقبلةً أيقظت مواسمي الظامئة.
في تلك اللحظة،
انهار الجدار بين الظلّ والنور،
وتحوّل الانتظار إلى حضورٍ متجلٍّ،
كما تتحوّل القطرةُ إلى بحرٍ إذا عانقها الضوء.
وفي حضن أمانك استعدتُ سلطانَ الحب،
وسجدتِ له ـ طفلةً وملكةً ـ في آنٍ واحد.
طفلةٌ تتوضأ بالدهشة،
وملكةٌ تعتنق العرش كمن يعتنق محراباً .
هنالك،
صار الحب كتاباً مفتوحاً،
وصار طهرك آيةً تُتلى،
و صمتكَ تسبيحًا،
وحضوركَ يقينًا يُنقذ الأرواح من تيهها.
يا من جمعتَ بين سكينة الوجد وهيبة الأبد،
و صرتَ لي سِفرًا من أنوار،
أقرأكَ كما يقرأ العارفُ مرآة قلبه،
وأرتّلك كما يُرتّل صوفيٌّ اسمه الضائع في اسم المحبوب.
و أُقيم فيكَ صلاتي،
أُكبّر باسمكَ عند كل مطلع،
وأشهد أنّكَ الحقيقة التي يذوب فيها الحلم،
و أنّ غيابكَ حضور،
وحضوركَ قيامة.
اقرأ أيضا
الأديبة السورية هيام سلوم تكتب لـ «30 يوم» : تجليات اللون الأخير




