توبكُتّاب وآراء

د. محمد المنشاوي يكتب لـ «30 يوم» : «أوبلاست» وطن اليهود وليست فلسطين!

لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تواصل تقتيل الفلسطينيين فى غزة رغم إتفاق شرم الشيخ ومشرع سلام ترامب ، فى عربدةٍ صهيونية لم يسلم منها الأشقاء فى سوريا ولبنان ..

تلك العربدة التى هَوَت بالقيم الإنسانية والضمير الإنساني العالمى الصامت فى مستنقع الوحل البشرى على نحو لم يسبق له مثيل ..

وإلا لكان من الحكمة والعقل أن يكشف هذا العالم الصامت شرقهِ قبل غربه عن الحقيقة التاريخية التى تخفيها إسرائيل والصهيونية العالمية عن الوطن المسكوت عليه لليهود ، وسعى هذا العالم لوقف مسلسل الإبادة للشعب الفلسطينى وعدوان نتانياهو وعصابته على جيرانه فى المنطقة ، وتجنيب شعوب المنطقة حرباً إقليمية قد تزهق أرواح الآلاف من الأبرياء !!

هذه العربدة هى نفسها التى دفعت بالأمس القريب مجرم الحرب نتنياهو الى الإعلان – دون مواربة – عن وهمه الأعظم فى أنه جاء ليحقق حلم الأجيال اليهودية فى إقامة “إسرائيل الكبرى” التى ما كان ليفصح عنها بهذه الجرأة لولا الدعم العلنى اللامحدود من ترامب لأفعاله الإجرامية وسط صمت العالم غربه وشرقه ..

وكان على أمريكا والغرب بدلًا من إستعراض القوة والتلويح بالتهديد والإصرار على دعم هؤلاء المجرمين الغاصبين المحتلين ظُلماً وإفتراءً لأرض الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا ، أن يعترفوا بإسم ومكان الوطن الحقيقي لليهود الذى تخفيه الدعاية الصهيونية منذ ٢٨ مارس ١٩٢٨ ..

وليُحَكِم الأمريكان والغرب – ولو لمرة واحدة – بإسم الإنسانية منطق العقل لوقف معاناة نحو سبعة ملايين فلسطينى على مدى ما يزيد على خمسة وسبعين عاما بسبب التهجير والتشريد والإبادة الجماعيه وعودتهم إلى فلسطين التاريخية أو القبول – على الأقل – بإقامة دولتهم المستقلة فى الضفة والقطاع ..

فالحقيقة التاريخية التى تخفيها إسرائيل والصهيونية العالمية والتعتيم الإعلامي الصهيونى المنظم والموجه ، تتمثل فى وجود وطن اليهود الحقيقي الذى تأسس فى جمهورية أوبلاست السوفيتية وعاصمتها بيروبيدجان عام ١٩٣٤ ..

وجمهورية أوبلاست الذاتية الحكم هى أول دولة يهودية فى العالم توافد اليهود عليها من بقاع العالم إبتداءً من ٢٨ مارس ١٩٢٨ ..

وبدلًا من أن يُكتمل توافد اليهود من بقاع العالم على هذه الجمهورية اليهودية ، وجهت أمريكا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي آنذاك المهاجرين اليهود وإقتلعتهم من بلادهم الأصلية التى كانوا يعيشون بها كبريطانيا وألمانيا وبولونيا وروسيا والولايات المتحدة وغيرها ، وجهتهم إلى أرض فلسطين العربية ليغتصبوا أرضها ويبنوا دولتهم المزعومة ، وليحلوا محل الشعب الفلسطينى بعد تشريده من دياره وأراضيه فى أكبر جريمة تهجير جماعى وتغيير ديمغرافي من مدن القدس وحيفا ويافا وبيسان وعكا وغيرها بفلسطين التاريخية..

إن هذه الجمهورية “أوبلاست” تمثل الوطن الأول لليهود في العالم ، وظلت كذلك إلى أن ظهرت فكرة توطين اليهود فى فلسطين ونجح الصهاينه فى تحقيقها ، فصرفت الأنظار عن جمهورية اليهود الأولى التى تأسست سلميًا ومن دون حاجة لإغتصاب أرضٍ من سكانها الأصليين..

فلو أراد الغرب حل هذه القضية الفلسطينية ووقف إراقة الدماء وتجنب إندلاع حرب إقليمية، فإن الأمر يتمثل فى العودة الآمنة لليهود إلى دولتهم “أوبلاست ” جمهورية اليهود الأصلية وعاصمتها “بيروبيدجان” ، فهى الوطن البديل فيما لو أرادت أمريكا والكيان الصهيونى حل القضية حلًا عادلًا شاملًا يريح الشعبين الفلسطينى واليهودى ، دون معاداة للسامية وأن ينعموا هناك بالثقافة اليهودية وأن يتحدثوا لغتهم “اليديشية” ويتركوا فلسطين لسكانها الأصليين أو يقبلوا على الأقل بحل الدولتين..

وتؤكد الإحصائيات أن مساحة جمهورية أوبلاست تعادل مساحة سويسرا ، بما يتيح لليهود حلًا عادلًا ، حيث أن الكثافة السكانية بها تبلغ ١٤ نسمة فقط للميل المربع الواحد مقابل ٩٤٥ نسمة فى الميل المربع الواحد فى الأراضي الفلسطينية المغتصبة ..

وتؤكد المعلومات أن هذه الجمهورية اليهودية فى تأسست أساسًا بمساعدة اليهود الأمريكان ومنهم هيئة تشكلت لهذا الغرض ضمت مشاهير مثل عالم الفيزياء اليهودى الشهير آينيشتاين والكاتب الأمريكى الشهير جولدبيرج ..

غير أن اليهود ،وكدأبهم دائمًا ، كانوا قد كذبوا عندما قالوا إبان الحرب العالمية الثانية أنهم فى حاجة إلى وطن قومى فى أرض فلسطين حيث لم تكن هناك حاجة لتشريد الفلسطينيين والإستيلاء على وطنهم، فخيار الوطن كان متاحًا لهم ، لكنهم كذبوا وأرادوا فلسطين لرغبتهم فى السيطرة والإستيلاء على القدس ..

عندئذٍ قد لا يحتاج الأمر إلى مؤتمرات سلام دولية أو كثير من مبادرات سلام لوقف العنصرية والمذابح للأطفال والنساء والإبادة الجماعية والتهجير القسرى أو الطوعى للفلسطينيين من أرضهم الأصلية لوقف ظلم دام نحو خمسٍ وسبعين عاماً ، فى ظل توفر الوطن البديل لليهود ..

فالعالم في ظل بقاء ووجود هذا الظلم ، إنما يكرس لبقاء أكبر كارثة إنسانية فى التاريخ حطبها الأطفال والنساء على يد المحتل الصهيونى الغاصب رغم توفر الحل لو أراد الرئيس الأمريكى ومعسكره..!!

“كاتب المقال د. محمد المنشاوي سياسي وأديب ، نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الاوسط للشؤون الدولية والتعاون الدولي ، وكبير محرري شئون رئاسة الجمهورية سابقًا ، والحائز على جائزة “ملهم الدولية – وشخصية العام لسنة ٢٠٢٤ ” فى مجال الإعلام الهادف والتثقيف السياسي ” من منتدى رواد الأعمال العرب ”.

اقرأ أيضا

د. محمد المنشاوي يكتب لـ «30 يوم» : مصر تشرع فى حَوْكمة البحر الأحمر..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى